كما مرّ معنا، فقد بُذلت جهود كبيرة لتجميع وحشد القوى والطاقات تحت راية واحدة، لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالأمة، مع ذلك فقد تضافرت ظروف عديدة وعوامل كثيرة، ساهمت جميعها في إظهار (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) إلى الوجود، نذكر منها ما يلي:
1 ـ الظروف التي نشأت فيها الجمعية :
أ ـ مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسي للجزائر، واحتفال الفرنسيين بذلك، استفزازًا للأمة، وإظهارًا للروح الصليبية الحاقدة التي يضمرونها للإسلام والمسلمين.
ب ـ التحضير للمؤتمر الإسلامي الذي عُقد في القدس برئاسة الحاج أمين الحسيني، في ديسمبر 1931م، الذي كان هدفه توحيد الصف الإسلامي بعد سقوط الخلافة الإسلامية. في تلك الظروف المفعمة بالتحديات، ظهرت جمعية العلماء للوجود.
2 ـ العوامل التي ساعدت على نشاة الجمعية :
يحدّد الشيخ محمّد البشير الإبراهيميّ هذه العوامل فيحصرها في أربعة:
1- آثار الشّيخ محمّد عبده؛ وذلك بطريقة المعارضة الشّديدة من الفقهاء الجزائريّين المتزمّتين لأفكاره التي كانت تتسرّب إلى الجزائر بواسطة مجلّة "المنار"؛
2- الثورة التّعليميّة التي أحدثها الأستاذ الشّيخ عبد الحميد بن باديس بدروسه الحيّة ؛
3- التّطوّر الفكريّ الذي طرأ على عقول النّاس في عقابيل الحرب العـالميّة الأولى؛
4- إيَاب طائفة من المثقّفين الجزائريّين الذين كانوا يعيشون في المشرق العربيّ، ولا سيّما في الحجاز والشّام، وأبرزهم الإبراهيميّ، والعقبيّ.
ونضيف إلى هذه العوامل الأربعة التي ذكرها الشيخ الإبراهيميّ، ثلاثة عواملَ أخراةٍ؛ قد لا تقلّ أهمّيّة عن الأربعة؛ وهي:
1- اشتداد تأثير الحركات الصّوفيّة بالجزائر، وازدياد نشاطها، وتكاثر طرائقها حتّى جاوزت العَشرَ، وحتّى اكتسحت جميع المدن والقرى، بل البوادي أيضا، في الجزائر، فأمست تصول وتجول، فلم يكن شيءٌ يُتداول بين مستنيري النّاس غير الفكر الصّوفيّ الذي لا يجاوز سِيَر الشّيوخ وكراماتهم؛ وميل أهل التّصوّف، من عوامّهم خصوصاً، إلى الإغراق في الرّوحيّات، والكلَف الشّديد بالخوض في أمور الغيب على سبيل اليقين، والتّعلّق المثير بمَشاهد البَرَكة والمناقب والكرامات.
2- اشتداد شراسة الاستعمار الفرنسيّ، ومبالغته في محاربة اللّغة العربيّة والدّين الإسلاميّ والتّمكين للتّخلّف الذهنيّ والشّعْبَذة لدى النّاس، وتشجيع ممارسات وطقوس فلكلوريّة ليست من الدّين الصّحيح في شيء: إلى حدّ الهوَس.
3- شيوع الجهل بين عامّة الجزائريّين حيث كانت الأمّيّة تجاوز ثمانين في المائة في أوساط الجزائريّين من الذكور، وربما كانت تجاوز تسعين في المائة في أوساط الجزائريّات. ولذلك نجد الأستاذ المرحوم محمّد إبراهيم الكتّانيّ الذي كان شديد الإعجاب بالحركة الإصلاحيّة في الجزائر فكان لا يزال يتحدّث عنها بتقدير وإعجاب لطلاّبه بجامعة الرّباط : يُرَاعُ للحالة التي كان الجزائريّون عليها في العِقد الرّابع من القرن العشرين (وقد ازدار الجزائرَ عام خمسة وثلاثين وتسعمائة وألف) حين يقول: " شاهدت من تعاسة المسلمين ودينهم ولغتهم ما لم أكن أتصوّر أنّ الحالة وصلت إلى معشاره: جهل باللّغة العربيّة فظيع، وطمْس لمعالم الدّين شنيع…
1 ـ الظروف التي نشأت فيها الجمعية :
أ ـ مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسي للجزائر، واحتفال الفرنسيين بذلك، استفزازًا للأمة، وإظهارًا للروح الصليبية الحاقدة التي يضمرونها للإسلام والمسلمين.
ب ـ التحضير للمؤتمر الإسلامي الذي عُقد في القدس برئاسة الحاج أمين الحسيني، في ديسمبر 1931م، الذي كان هدفه توحيد الصف الإسلامي بعد سقوط الخلافة الإسلامية. في تلك الظروف المفعمة بالتحديات، ظهرت جمعية العلماء للوجود.
2 ـ العوامل التي ساعدت على نشاة الجمعية :
يحدّد الشيخ محمّد البشير الإبراهيميّ هذه العوامل فيحصرها في أربعة:
1- آثار الشّيخ محمّد عبده؛ وذلك بطريقة المعارضة الشّديدة من الفقهاء الجزائريّين المتزمّتين لأفكاره التي كانت تتسرّب إلى الجزائر بواسطة مجلّة "المنار"؛
2- الثورة التّعليميّة التي أحدثها الأستاذ الشّيخ عبد الحميد بن باديس بدروسه الحيّة ؛
3- التّطوّر الفكريّ الذي طرأ على عقول النّاس في عقابيل الحرب العـالميّة الأولى؛
4- إيَاب طائفة من المثقّفين الجزائريّين الذين كانوا يعيشون في المشرق العربيّ، ولا سيّما في الحجاز والشّام، وأبرزهم الإبراهيميّ، والعقبيّ.
ونضيف إلى هذه العوامل الأربعة التي ذكرها الشيخ الإبراهيميّ، ثلاثة عواملَ أخراةٍ؛ قد لا تقلّ أهمّيّة عن الأربعة؛ وهي:
1- اشتداد تأثير الحركات الصّوفيّة بالجزائر، وازدياد نشاطها، وتكاثر طرائقها حتّى جاوزت العَشرَ، وحتّى اكتسحت جميع المدن والقرى، بل البوادي أيضا، في الجزائر، فأمست تصول وتجول، فلم يكن شيءٌ يُتداول بين مستنيري النّاس غير الفكر الصّوفيّ الذي لا يجاوز سِيَر الشّيوخ وكراماتهم؛ وميل أهل التّصوّف، من عوامّهم خصوصاً، إلى الإغراق في الرّوحيّات، والكلَف الشّديد بالخوض في أمور الغيب على سبيل اليقين، والتّعلّق المثير بمَشاهد البَرَكة والمناقب والكرامات.
2- اشتداد شراسة الاستعمار الفرنسيّ، ومبالغته في محاربة اللّغة العربيّة والدّين الإسلاميّ والتّمكين للتّخلّف الذهنيّ والشّعْبَذة لدى النّاس، وتشجيع ممارسات وطقوس فلكلوريّة ليست من الدّين الصّحيح في شيء: إلى حدّ الهوَس.
3- شيوع الجهل بين عامّة الجزائريّين حيث كانت الأمّيّة تجاوز ثمانين في المائة في أوساط الجزائريّين من الذكور، وربما كانت تجاوز تسعين في المائة في أوساط الجزائريّات. ولذلك نجد الأستاذ المرحوم محمّد إبراهيم الكتّانيّ الذي كان شديد الإعجاب بالحركة الإصلاحيّة في الجزائر فكان لا يزال يتحدّث عنها بتقدير وإعجاب لطلاّبه بجامعة الرّباط : يُرَاعُ للحالة التي كان الجزائريّون عليها في العِقد الرّابع من القرن العشرين (وقد ازدار الجزائرَ عام خمسة وثلاثين وتسعمائة وألف) حين يقول: " شاهدت من تعاسة المسلمين ودينهم ولغتهم ما لم أكن أتصوّر أنّ الحالة وصلت إلى معشاره: جهل باللّغة العربيّة فظيع، وطمْس لمعالم الدّين شنيع…